Skip to main content
القائمة
تحديثات من الميدان
المواضيع

القيود على الحركة تخنق الحياة في حيّ باب المجلس في البلدة القديمة

في قلب البلدة القديمة في القدس الشرقية يقع حيّ باب المجلس الإسلامي المسمّى "باب الناظر". الحي مجاور لشارع الواد الرئيسي، المؤدي إلى حائط البراق من مدخل باب العامود. شارع يصل طوله إلى نحو مائة متر يمر عبر الحي، يوصل بين شارع الواد والمسجد الاقصى. هذه منطقة تاريخية، سادت فيها حتى وقت قريب حياة اجتماعية وثقافية غنية لسكان البلدة القديمة.

‫حاجز شرطة عند مدخل الحرم القدسيّ الشريف. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬
‫حاجز شرطة عند مدخل الحرم القدسيّ الشريف. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬

يعيش في حيّ باب المجلس نحو 350 شخصا وتتواجد فيه مكاتب الأوقاف الإسلامية. هذا حي صغير، فيه منزلان خاصّان، وخمسة مجمعات فيها شقق، تدعى "حوش"، كل منها تحيط بساحة داخلية. في اثنين من هذه المجمعات يقيم نحو 300 فرد من الجالية الأفريقية، ممن قدمت عائلاتهم من التشاد والسنغال والسودان قبل نحو قرن. في مبنى منفصل تتواجد جمعية الجالية الإفريقيّة التي تأسست في عام 1983 لتقديم الخدمات المجتمعية لسكان البلدة القديمة. نظمت الجمعية حتى وقت قريب، أنشطة للأطفال بعد دوام المدرسة، وكذلك أنشطة للشباب والنساء. كما وتتواجد في الحيّ سبع محلات تخدم في الأساس المصلين في الأقصى. في طرف الحيّ، عند المدخل إلى المسجد الأقصى، يتواجد حاجز شرطة ثابت منصوب منذ سنوات.

‫ أحد المجمعات السكنيّة للجالية الإفريقيّة في الحيّ والذي تمّ ترميمه في سنوات سابقة. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬
‫ أحد المجمعات السكنيّة للجالية الإفريقيّة في الحيّ والذي تمّ ترميمه في سنوات سابقة. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬

بما أنّ الحي يشكّل الطريق الرئيسي للمصلين المسلمين في طريقهم إلى الأقصى، فإن الحياة تتأثّر من الأحداث الحاصلة في الحرم القدسي الشريف، ومن القيود المفروضة من قبل قوات الأمن على الوصول إليه. على مر السنين، فرضت في الأساس قيود لفترات قصيرة في أعقاب أحداث عنف. لكن من جملة أمور أخرى، من منتصف عام 2013، في أعقاب ارتفاع نشاط جماعة "أمناء جبل الهيكل" في المكان وفي النشاط الجماهيري في الموضوع، وردود الفعل الغاضبة في أوساط الفلسطينيين، بدأت إسرائيل تزيد من تقييد وصول المصلّين المسلمين إلى المنطقة.

في صيف 2014 جرى تصعيد كبير في الاشتباكات بين فلسطينيين وقوات الأمن في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. نصبت قوات الأمن حواجز جديدة عند مدخل الأحياء الفلسطينية، بما في ذلك داخل البلدة القديمة، وخاصة على الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى. نُصب حاجز في شارع الواد، مدخل حي باب المجلس، ومنذ ذلك الوقت يقع الحي بين حاجزَين، يتمركزان على بعد حوالي مائة متر ـ الحاجز الجديد والحاجز الدائم عند مدخل المسجد.

مع نصب الحواجز، بدأت إسرائيل في تنفيذ سياسة جديدة تحظر دخول المسلمين إلى المنطقة بين الساعات 7:30 و11:00، والتي خصصتها السلطات لزيارة اليهود. في هذه الساعات، تمنع الشرطة دخول المسلمين، باستثناء سكان الحيّ، ليس فقط منطقة الحرم القدسيّ الشّريف، وإنّما الى الحيّ بأكمله. بالإضافة إلى ذلك، فإن القوات الأمنية لا تسمح للمسلمين بدخول الحيّ بشكل عشوائيّ حتى في ساعات أخرى، وحتى عندما يسمحون بذلك، تقوم قوّات الأمن في بعض الحالات بإجراء تفتيش صارم على الراغبين في الدخول.

‫ حاجز شرطة منصوب عند مدخل الحيّ منذ صيف 2014. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬
‫ حاجز شرطة منصوب عند مدخل الحيّ منذ صيف 2014. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬

وقد جعلت هذه القيود الحيّ مجالاً مغلقًا وألحقت أضرارًا بالغة بحياة سكانه، وبالمصالح التجاريّة فيه، وبنشاط الجمعيّة الإفريقيّة. السكان أنفسهم لا يعرفون متى يمكنهم مغادرة منازلهم ومتى يمكنهم العودة إليها، وهو واقع يزيد من صعوبة حياتهم الاجتماعية. أدت هذه القيود إلى تقليص كبير في عدد المصلين المارّين من الحي في طريقهم إلى الحرم وبدأ كلّ سكان البلدة القديمة بالابتعاد عن الحيّ بسبب صعوبة توقّع متى سيكون من الممكن دخوله، وماذا سيترتب عليه من صعوبات، وبسبب الخوف من وقوع مواجهات عنيفة. روى أصحاب محلات تجارية لباحث بتسيلم الميدانيّ أن تقليص عدد السكان الذين يأتون إلى الحيّ تسبّب في انخفاض حادّ في مبيعاتهم، مما اضطر البعض إلى إغلاق محلاتهم.

علاوة على ذلك٬ توقف نشاط جمعية الجالية الأفريقية في كانون الأول عام 2015، بعد أن واجه المتطوعون والأطفال والشبيبة ممن استفادوا من خدماتها، صعوبات في الوصول إلى المكان. في مطلع شباط، قررت الجمعية محاولة استئناف خدماتها.

الحواجز التي نصبتها الشرطة في حيّ باب المجلس تشكل عقابا جماعيا على جميع سكان الحيّ. تمنع هذه الحواجز السكان المقيمين في الحي بشكل خاص وسكان البلدة القديمة بشكل عام من إدارة حياتهم اليومية بشكل معقول. لكن، من نهج السلطات يبدو أن الضرر واسع النطاق بسكان هذا الحي ـ الذين لا يشتبه بهم في شيء ـ لا يزعجها، ولا تفعل أي شيء يخفّف عنهم وطأة المعيشة. على إسرائيل إزالة هذه الحواجز والسماح للسكان بالعودة إلى روتين حياتهم اليومية.

إفادات:

إفادة منار سليمان عبد الجليل إدريس، 35 عامًا، كانت تدير جمعية الجالية الأفريقية حتى كانون الأول عام 2015. جمع الإفادة باحث بتسيلم الميدانيّ مصعب عباس في تاريخ -14/2/2016:

منار سليمان. صورة شخصيةعملت في الجمعيّة لمدة ثماني سنوات، في مناصب مختلفة، من بينها، منسقة المشاريع والبرامج. في العام الماضي أدرت الجمعيّة. ولكن في نهاية عام 2015 توصّلتُ إلى نتيجة أنه قد حان الوقت للبحث عن وظيفة أخرى، لأن الجمعية في حالة احتضار. القيود على حركة المرور في السنوات الأخيرة، وخاصة منذ تشرين الأول 2015، تسببت في انهيارها بشكل بطيء.

بدأ ذلك قبل نحو عامين. بدأ المستوطنون بدخول المسجد الأقصى، واحتج الشارع الفلسطيني على ذلك. نصبت الشرطة حاجزين في باب المجلس، يبتعدان عن بعضهما البعض مسافة مائة متر تقريبًا. تتواجد الجمعية بين الحاجزين. خلال الأسبوع هناك قيود على المرور من الحاجزين. ويسمح فقط لسكان الحيّ بالمرور، وأحيانا يُسمح للرجال فوق سن الخمسين. هناك تمييز بين الجنسين، فلا يُسمح للنّساء عمومًا بالمرور لأنّهم يقولون إنّ جميعهنّ من "المرابطات" ـ وهي مجموعة من النساء المحتجّات على دخول المستوطنين المسجد الأقصى. في نهاية الأسبوع تقلّ القيود.

منذ العمليّة التي نُفّذت في شارع الواد في تشرين الأول عام 2015 والوضع آخذ في التردّي. المتطوعون في الجمعية لا ينجحون أكثر في الوصول بسبب الحواجز والمواجهات اليومية بين الشرطة والمرابطات. أصبح الجو مخيفا ولا يسمح الأهالي لأولادهم، وخصوصًا البنات، بالوصول إلينا. أدركنا أن هذه مسؤولية كبيرة لأنّ وصول الأولاد إلى هنا يعرّضهم للخطر، وقررنا وقف برامج الأطفال والشبيبة حفاظًا على أمنهم.

قدمت الجمعية خدمات لسكان البلدة القديمة والقدس الشرقية عموما. لدينا ثلاث مجموعات مستهدفة: الأطفال والشبيبة والنساء. قبل أربع سنوات أقمنا نادي أطفال. حضر الأطفال إلى الجمعيّة بعد الدوام المدرسيّ، ومكثوا حتى الخامسة والنصف وتلقّوا مساعدات في واجباتهم المدرسيّة من قبل طلاّب جامعيين متطوّعين، إرشادًا ودعمًا نفسيًا من قبل عاملة اجتماعيّة، فعاليات ترفيهيّة، وجبة خفيفة ولقاءات اجتماعية. كلّ عام، حضر هذا النشاط بين 40-الى 60 ولدا تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 12. كان الهدف منها هو التسهيل على الأسر وتقديم الدعم النفسي والمساعدة التعليميّة للأولاد، حتى يستمرّوا في دراستهم وتحسين تحصيلاتهم. ركزنا على ذلك، لأن البلدة القديمة تعاني من مشكلة معدل تسرب عالي من المدارس.

كان هناك أيضا برنامج يسمى " أنا X 4" للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 24ـ16 واجه قضية هويتهم الوطنية، بمشاركة 80ـ60 شابًا سنويًا. ويهدف البرنامج إلى تعزيز الصلة بين الشبان الفلسطينيين في القدس والشبان في بقية الأراضي المحتلة. دام البرنامج لمدة عامين ونصف العام، وشمل زيارات إلى المدن الفلسطينيّة ولقاءات مع الشباب في تلك المدن. حوّل الاحتلال معظم مدن الضفة الغربية إلى كانتونات، وخلق فصلا بين الشبان الفلسطينيين من أماكن مختلفة. مشروع آخر، يسمى "عيش البلد" الذي دام لمدة ثلاث سنوات، وهدف إلى إثراء الحياة الثقافية للشباب في البلدة القديمة وشمل حفلات، ودورات مهارات ذاتيّة، وعمل تطوعي ولقاءات مع شخصيات مقدسيّة يمكنها أن تكون مصدرا للإلهام. بالإضافة إلى ذلك، وفي إطار المشروع، قدّم الشبّان البرامج الترفيهية للأطفال الصغار. وتضمن المشروع أكثر من خمسين شابًا.

أحد أكثر المشاريع نجاحًا خلال عام ونصف، هو مشروع "لجان الأحياء". أقيم في كلّ حيّ لجنة محليّة اهتمّت بتحديد احتياجات الحي وحاولت ترويج معالجتها، كما وعملت على تعزيز العلاقات بين الأحياء. أنشأنا فرق كرة القدم في الأحياء. زينت اللجان البلدة القديمة في شهر رمضان وزارت أحياء غزاها المستوطنون وذلك بهدف الحفاظ على تواصل مع السكان المنعزلين فيها.

‫المخيطة المعطّلة لجمعية الجالية الإفريقيّة. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬
‫المخيطة المعطّلة لجمعية الجالية الإفريقيّة. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك برامج نسائيّة، هدفها توفير مساحة لعقد لقاءات بينهن خارج المنزل، والمشاركة في ورش العمل والدورات. قبل ثلاث سنوات تمكنا من تفعيل مشروع ورشة خياطة. خاطت النساء الملابس وفق طلب تجار وقمن ببيع المنتجات، الأمر الّذي وفرت لهن مصدر دخل. تضمن المشروع 15 امرأة.

في كانون الأول توقفت جميع المشاريع. للأسف، فإن جمعية مغلقة معظم أيام الأسبوع. نتواجد في فترة عصيبة ولا نعرف ما الذي ينتظرنا في المستقبل في ظل الاحتلال. من المستفيد من وراء إغلاق الجمعية؟ هل هو الأمن؟ عندما لا يكون هناك ملاذ للشباب، ومكان لتمضية الوقت بطريقة إيجابية، أين ستوجّهون؟ في رأيي، هذه السياسة تزيد من الإحباط وتشجع على التطرف. أصبحت الحياة في البلدة القديمة مظلمة ومخيفة. المستوطنون فقط يجرؤون على التجوال هنا في الليل. هذا تطهير عرقي تحت ستار الخطوات الأمنية.

إفادة آدم جبريل بلالة، 45 عاما، متزوج وأب لسبعة، مقيم في باب المجلس في البلدة القديمة وصاحب متجر فيه. جمع الإفادة باحث بتسيلم الميدانيّ مصعب عباس في تاريخ-19/2/2015:

"ولدتُ في حيّ باب المجلس. أنا وزوجتي منال لدينا سبعة أولاد، أصغرهم يبلغ ستة أعوام والكبرى تبلغ 16 عاما. عملت معظم حياتي في مجال البناء ولكن قبل أربع سنوات بدأت أعاني من آلام في الظهر. أجريت فحوصات وأرسلوني لتلقّي العلاج الفيزيائي (Physical therapy)، وفي النهاية اضطررت إلى تغيير عملي والانتقال للعمل في مطعم في شارع يافا.

هذا التغيير أضرّ بنا إلى حد كبير لي من الناحية الاقتصاديّة. كانت خبرتي في البناء واسعة بعد سنوات عديدة من العمل، وكان دخلي ممتازًا. هذا ما سمح لي بإعالة أسرتي بكرامة وإرسال الأولاد إلى مدارس جيدة. حلمت ببناء منزل أكبر لأن منزلنا يتواجد على مساحة 65 مترا، ولا يرى ضوء الشمس. كل الأحلام تبددت، عندما بدأت العمل في أحد المطاعم بأجر منخفض.

‫جبريل بلاله، 14 عامًا، بجانب كشك عائلته. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬
‫جبريل بلاله، 14 عامًا، بجانب كشك عائلته. تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬

تحسنت الحالة عندما خرجت زوجتي للعمل. أحبت دائما التطريز وقررت تعلم الخياطة في جمعية الجالية الأفريقية في الحي. بدأت بيع أعمالها وبعد ذلك حصلنا على منحة من خلال UNDP (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)، الذي سمح لنا بفتح متجر لبيع الملابس في الحيّ، حتى نتمكن من بيع الزوار الذين يأتون إلى المسجد الأقصى. بدأ الوضع الاقتصادي يتحسّن، فتركت عملي في المطعم للعمل في المتجر، وخاطت زوجتي الملابس التي بعناها في المتجر. عندما رأينا أن الوضع جيد، افتتح بسطة ملابس بجانب المتجر، وعملت فيه ابنتنا البكر. ولكن بعد ذلك، فجأة، قبل عامين، بدأ الوضع يتغير. وكانت نقطة التحول خلال شهر رمضان في عام 2014، بعد خطف محمد أبو خضير وإحراقه حتى الموت على يد إسرائيليين. منذ ذلك الحين، والوضع متوتر للغاية. ساد حالة من القمع الشديد في الحي وفي البلدة القديمة، فرض الحواجز والقيود، اشتباكات بين المصلين وعناصر الشرطة، واعتقالات كثيرة. بعد شهر رمضان في ذلك العام، كان هناك العديد من الغزوات من قبل المستوطنين على مبانٍ في المنطقة، وكانت هناك اشتباكات يومية بين الشرطة والمرابطات. ما يزيد الأمر صعوبة علينا بشكل خاصّ، حاجز للشرطة نصبوه على بعد نحو 15 مترا من متجري. عند المدخل الثاني للشارع يوجد حاجز آخر، يبعد 60 مترا عن المحل، ولذا فإننا محاصرون في الواقع بين الحاجزين ويصعب على الناس دخول الحي.

منذ بدء الأحداث الأخيرة في تشرين الأول عام 2015 يمكن القول دون مبالغة إن من يدخل الحيّ تقريبًا سكان الحيّ فقط. كل عملنا يعتمد على زوار المسجد، لهذا تم إغلاق مشروع الخياطة التابع للجمعية. منذ ذلك الحين، قد يمر يوم كامل بمكسب لا يزيد عن خمسين شاقلاً. لا يكفي المبلغ لشيء وهكذا تراكمت علينا الديون. بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب، فإنّ الوضع الأمني أيضًا يُثقل علينا. أنا قلق جدا على أولادي وأخشى أن يتورطوا مع الشرطة. بسبب ديوني اضطررت إلى نقل أولادي إلى مدرسة أخرى، تابعة للأوقاف الإسلامية. مستوى المدارس الثانوية أقل هناك، ولكن لم يعد بإمكاني أن آدفع لمدرسة خاصة. بسبب الوضع، صرت أفتح المحلّ لبضع ساعات فقط في اليوم. في النهاية، بدأت أختي تساعدنا من خلال التواجد في المحل وعدتُ أنا للعمل بدوام كامل في المطعم. عادت زوجتي لتصبح ربة بيت٬ لأن آلة الخياطة التي كانت تعمل عليها، كانت تابعة للجمعية التي توقفت عن العمل. المستقبل غير واضح، ولكن من الواضح تماما أن الحواجز باقية. في الصباح هناك إغلاق شبه تام إلى أن يتمكن المستوطنون من إنهاء زيارتهم في الأقصى، ثم تفتح الشرطة الحاجز في بعض الأحيان لمدة ساعة ونصف للسماح للناس لأداء صلاة الظهر، ثم يغلقون الحاجز لمدة ساعتين، ثم يفتحونه، وفي بعض الأحيان يفتشون بشكل عشوائي، وأحيانا بشكل دقيق. إذا استمر الوضع على هذا المنوال لبضعة أشهر، سيتم إغلاق جميع المحلات التجارية في الشارع.

إفادة مروان عصام البشيتي، 45 عاما، متزوج وأب لطفلين، من سكان باب المجلس في البلدة القديمة. جمع الإفادة باحث بتسيلم الميدانيّ مصعب عباس في تاريخ -25/1/2016:

مروان البشيتيأقيم في هذا المنزل منذ ولدت. يقيم والداي هنا منذ عام 1967 وأنا أعيش مع زوجتي وأطفالنا في المنزل المجاور لمنزلهم. أعمل في مجال تطوير المجتمع في مركز النساء الثوريّ لأكثر من عشرين عاما. حياتنا هنا في البلدة القديمة كانت جيدة جدا، وتوفّرت فيها العلاقات الاجتماعيّة. أحببنا العيش هنا، في المركز تماما، على بعد بضعة أمتار من مدخل المسجد الاقصى.

ولكن في العام ونصف العام الماضيين، بدأ كل شيء يتغير، والحياة هنا أصبحت صعبة، خصوصا بعد نصب حاجز عند مدخل حي باب المجلس. يتواجد منزلي بالقرب من الحاجز، المزوّد في الآونة الأخيرة بعناصر من الشرطة وأجهزة التفتيش، ومنصوب عند مدخل المسجد الأقصى. يتواجد باب المنزل بالقرب الحاجز. بشكل دائم، تقع عند هذا الحاجز مواجهات بين عناصرالشرطة وعناصر شرطة حرس الحدود والمواطنين الراغبين بزيارة المسجد. استخدم عناصرالشرطة هنا عدة مرات الغاز المسيل للدموع، الذي يهدّد حياة أولادي ووالدي، الذي يبلغ 80 عامًا. نعيش الآن في ما يشبه الإقامة الجبرية.

لا يسمحون للناس الآن بالوصول إلى أماكن عبادتهم وهذا انتهاك صارخ لحقوقهم. بالإضافة إلى ذلك، أفلست المحلات التجارية الحيّ، لأنها تقريبًا لا تحقّق إيرادات. إذا استمر حال أصحاب هذه المحلات على هذا المنوال، فإنّهم لن يكونوا قادرين على مواصلة تشغيلها. الأقارب والأصدقاء شبه منقطعين عن زيارتنا. كانوا يأتون لزيارتنا وللصلاة في المسجد في نفس الوقت. الناس يخشون المجيء إلى الحي. غالبا ما يدخل عناصرالشرطة إلى منزلنا ومنازل جيراننا، وهذا يخيفني، ويخيف أطفالي على وجه الخصوص. إحدى الأنشطة التي نظموها في الماضي كانت عقد اجتماع أسبوعيّ بين المسلمين والمسيحيين المسنين. في بعض الأحيان كان الاجتماع ينعقد بجانب المسجد الأقصى، وأحيانا في الحيّ المسيحيّ، ولكن بسبب الوضع الأمني توقّفت هذه الأنشطة. لا يوجد لأطفال البلدة القديمة ملاعب رياضية أو حدائق للعب، وبالتالي فإن باحة المسجد الأقصى شكّلت مكانا لعبهم. أنا وبقيّة سكّان البلدة القديمة قضينا طفولتنا هناك. اليوم يمنع عناصر الشرطة الأطفال من دخول باحة المسجد واللعب. حتى مركز جمعية الجالية الأفريقية المتواجد في الحي، والذي وفّر الخدمات للسكان، أغلق بسبب عدم قدرة المتطوعين والمعلّمين على الوصول إلى هناك. لقد ساعدوا الأولاد في إعداد واجباتهم المدرسية، وعقد الأنشطة الترفيهية للأولاد: الدبكة والرياضة. أغلقت الجمعية بسبب الحواجز وقوات الأمن. ما يحدث هنا له تأثير سلبي على الحالة النفسية للأطفال في المنطقة، وخاصة في الحي. نشعر بأنّ المستقبل هنا سيكون أكثر صعوبة.

إفادة مثال أحمد عطا الله، 58 عاما، مطلقة، من سكان باب المجلس. جمع الإفادة باحث بتسيلم الميداني مصعب عباس في تاريخ -18/12/2015:

أعيش هنا منذ عام 1967. لدينا منزل صغير، بغرفتين وفناء صغير، أعيش هنا مع ابني صالح الذي يبلغ 21 عاما، أختي رحاب ،54 عاما، وهي أيضا مطلقة، وابنتها نيفين، 31 عاما.

بعد وفاة والدنا، فتحنا وأنا وأختي متجرًا لبيع ملابس الصلاة النسائية، وذلك لقربنا من المسجد الأقصى. تمتعنا بدخل جيد جدا وسمح لنا هذا بتمويل تعليم الأولاد.

‫رحاب كفرعاني، شقيقة مثال، بجانب دكّانهما. تصوير: تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬
‫رحاب كفرعاني، شقيقة مثال، بجانب دكّانهما. تصوير: تصوير: يوآف غيروس، بتسيلم، 23/2/2016.‬

عندما بدأ المستوطنون بالقدوم إلى المسجد الأقصى تضرر مصدر رزقنا. يقع متجرنا عند مدخل باب المجلس وكان هناك مشاكل كثيرة. في العام الماضي، نصبت الشرطة حاجزا على بعد أقل من ثلاثة أمتار عن المتجر. الشرطة تقيد بشدة دخول الناس. معظم الوقت لا تسمح لهم بالدخول.

عند الحاجز، يمنعون دخول النساء بشكل خاصّ، بحجة أنهن من المرابطات. فقدنا زبائننا. تدهور الوضع أكثر منذ تشرين الأول عام 2015. والآن يقيدون حركة السكان كل يوم ما عدا الجمعة والسبت. نحن نعتمد على مساعدة من أصحاب الإحسان. الخناق المستمر على الحي لا يسمح لنا بالعمل أكثر، وليس لدينا مصدر رزق نعيش منه.