أفراد الشرطة يهاجمون ويعتقلون فتى (17 عامًا) كان بحاجة إلى علاج في المستشفى ثمّ يطلقون سراحه دون قيد أو شرط
في يوم السبت الموافق 18.3.23 نحو الساعة 14:30 خرج محمّد عبدو (17 عامًا) من منزل جدّه في حيّ المدارس بقرية جبل المكبّر في شرقيّ القدس بعد أن سمع صراخًا في الخارج. عندما وصل إلى الشارع وجد أخاه كرم (20
...
في يوم السبت الموافق 18.3.23 نحو الساعة 14:30 خرج محمّد عبدو (17 عامًا) من منزل جدّه في حيّ المدارس بقرية جبل المكبّر في شرقيّ القدس بعد أن سمع صراخًا في الخارج. عندما وصل إلى الشارع وجد أخاه كرم (20 عامًا)، الذي كان قد خرج من المنزل قبله ببضع دقائق وركب درّاجته الكهربائيّة، مُلقًى على الشارع وفاقدًا الوعي. قال له السكّان الذين تواجدوا في الموقع إنّ أخاه تعرّض لصدمة سيّارة. بعد نحو ربع ساعة حضرت سيّارة إسعاف تابعة لـ"نجمة داود الحمراء" يرافقها شرطيّان. عندما حاول الفريق الطبّيّ نقل كرم إلى سيّارة الإسعاف لم يسمح الشرطيّان بذلك بذريعة أنّ عليهما إعداد تقرير بالحادث أوّلًا، ولهذا الغرض يجب عليهما فحص درّاجة كرم التي اختفت.
في تلك الأثناء، بدأ السكّان بالتجمّع في المكان وحصلت مواجهة بينهم وبين الشرَطيّين شملت صرخات ودفعات ورمي أشياء وقضبان على الشرطيّين اللذين أطلقا النيران الحيّة في الهواء. وكان من بين السكان محمّد، الذي وثِّق بمقطع فيديو وهو يُلقي قبّعة على الشرطيّين. استمرت المواجهات وبعد بضع دقائق وصلت قوّات إضافيّة من الشرطة وحرس الحدود إلى المكان. وبينما تمكّن بعض الشبّان من إدخال كرم إلى سيّارة إسعاف نقلته إلى المستشفى، أمسك عناصر شرطة حرس الحدود بمحمّد وقام شرطيّ بزيّ أزرق برشّ غاز الفلفل على وجهه. سقط محمّد على الأرض وتم تكبيل يديه. تواصلت المواجهات وشملت في هذه المرحلة إلقاء الحجارة على أفراد الشرطة. في المقابل، انهال عدد من أفراد الشرطة على محمّد باللكمات والركلات على جميع أنحاء جسمه لعدّة دقائق وهو مقيّد اليدين. ثمّ اقتاد عناصر شرطة حرس الحدود محمّد باتّجاه سيّارة الجيب. وخلال ذلك، كان أحد عناصر الشرطة يضربه على ظهره ضربات قويّة ويهدّد بسلاحه بعض الأشخاص الذين حاولوا الاقتراب.
أدخِل محمّد إلى سيّارة جيب وهناك أيضاً تلقّى ضربات وركلات من ثلاثة عناصر من شرطة حرس الحدود كانوا يرافقونه خلال السفر.
محمّد عبدو بعد إطلاق سراحه. تصوير عامر عاروري، بتسيلم, 20.3.23
استمرت المواجهات بين أفراد الشرطة والشبّان وقام الشبّان برشق أفراد الشرطة بالحجارة فأصابوا أحدهم في وجهه وحطّموا زجاج مركبة للشرطة. في تلك المرحلة، قبض خمسة من أفراد الشرطة على أحد الشبّان وضربوه ثم اعتقلوه. احتُجز الشابّ لمدّة 18 يومًا ثمّ أطلق سراحه ووُضع قيد الإقامة الجبريّة بعيدًا عن منزله في صور باهر.
اقتيد محمّد إلى محطّة الشرطة في جبل المكبّر دون علم والديه. وهناك أدخِل إلى غرفة واصل فيها أفراد الشرطة ضربه بالتناوب. بعد نحو ساعة أخرج أفراد الشرطة محمّد إلى الساحة وأجبروه على الوقوف مقيَّد اليدين ووجهه نحو السياج لأكثر من ساعتين. ونحو الساعة 18:30 نُقل محمّد إلى مستشفى "هداسا عين كارم" يرافقه عنصران من شرطة حرس الحدود قاما بتقييد يديه ورجليه إلى السرير فور وصوله إلى غرفة الطوارئ. كان وجه محمّد وصدره ويداه ورجلاه كانت مليئة بالكدمات وأظهرت صورة الأشعّة السينيّة وجود كُسر في أنفه.
استلقى محمّد في السرير وهو مقيّد بالسلاسل وتحت مراقبة عنصرين من "الشاباك" وشرطيّ من حرس الحدود. ونحو الساعة 23:00 فقط، أبلغ محامٍ من قبَل الأسرة والدة محمّد بأنّ ابنها يرقد للعلاج في "هداسا عين كارم". وعندما وصلت الأم إلى هناك منعها أفراد الشرطة من رؤية ابنها، فاضطرّت إلى الانتظار خارج الغرفة. وبعد مشادّة كلاميّة دارت بينها وبين شرطيّ آخر كان اعتدى على ابنها ورقد في المستشفى هو الآخر، قام أفراد شرطة بإخراجها من حرم المستشفى.
بعد منتصف الليل بنحو نصف ساعة، أبلغ المحامي أبناء أسرة محمّد بأنّ أفراد الشرطة غادروا المستشفى، فتوجّه هؤلاء مسرعين إلى هناك. وفي صباح اليوم التالي تمّ تسريح كرم ومحمّد إلى منزلهما.
باحث بتسيلم الميدانيّ عامر عاروري سجّل إفادات محمد عبدو ووالدته وشخص آخر كان شاهداً على الحادثة:
محمّد عبدو (17 عامًا) قال:
محمّد عبدو بعد إطلاق سراحه. تصوير عامر عاروري، بتسيلم, 20.3.23
في يوم السبت الموافق 18.3.23 نحو الساعة 14:30 كنتُ أتناول وجبة الغداء مع العائلة في منزل جدّي لأمّي. بعد انتهاء الوجبة خرج شقيقي كرم (20 عامًا). وبعد ذلك مباشرة سمعتُ صراخًا في الخارج. خرجتُ إلى الشارع ورأيتُ كرم مُلقًى على الشارع فاقد الوعي. بعد نحو ربع ساعة حضرت الشرطة وسيّارة إسعاف تابعة لـ "نجمة داود الحمراء". طلب أفراد طاقم سيّارة الإسعاف من الشرطيّين اللذين كانا هناك السماح لهم بالاقتراب من كرم وإخلائه، لكنّ الشرطيّين رفضا وادّعيا بأنّ عليهما فحص درّاجته الكهربائيّة أوّلًا. لا أعرف مَن أخذ درّاجة كرم من هناك ولماذا أراد الشرطيّان فحصها. ثار جدال بين كلا الشرطيّين والأشخاص الآخرين الذين وصلوا إلى هناك، ثمّ أطلق الشرطيّان النار في الهواء من مسدّس وبندقيّة إم-16.
استمرّت المواجهات مع الشرطيّين وألقى الناس أشياء عليهما، لكنّ بعض الشبّان تمكّنوا من إدخال كرم إلى سيّارة الإسعاف. فجأةً، شعرتُ بأنّ أحدهم يشدّني من يدي ويسحبني. سقطتُ على الأرض ثمّ رأيتُ أنّها شرطيّة من حرس الحدود حضرت مع أفراد شرطة آخرين. انقضّ عليّ شرطيّان وفجأةً قام شرطيّ برشّ غاز الفلفل على وجهي. انهال أفراد الشرطة عليّ باللكمات وأخذوا يركلونني في جميع أنحاء جسمي ثمّ قيّدوا يدَي. استمرّوا في ضربي لعدّة دقائق ثمّ جرّوني إلى سيّارة الجيب وفي الطريق إلى هناك وجّهوا لي المزيد من الضربات على ظهري. كان في سيّارة الجيب ثلاثة أفراد شرطة واستمرّ هؤلاء في ضربي.
وصلنا إلى محطّة الشرطة في جبل المكبّر. كنت لا أزال أشعر بحرقة في وجهي وعينيّ بسبب غاز الفلفل وكنتُ لا أزال مقيّدًا. قيّدوا رجليَّ بالأصفاد أيضًا وأخذوني إلى غرفة في المحطّة. في الغرفة وجّهوا لي المزيد من الضربات، سقطتُ على الأرض وداسوا على رأسي بينما كان الدم ينزف من فمي وأنفي. استمرّ هذا كلّه 5-10 دقائق. بعد ساعة تقريبًا أخرجوني إلى ساحة وأجبروني على الوقوف ووجهي متّجه صوب سياج حديديّ. شعرتُ بآلام في كلّ أنحاء جسمي ولم أستطع الحركة وكان غاز الفلفل لا يزال يحرقني أيضًا. كان الجوّ باردًا في الخارج ولم أكن أرتدي ملابس ملائمة. ارتجفتُ من البرد. الحمد لله أنّهم لم يضربوني حين كنتُ أقف هناك أيضًا. أوقفوني هناك لعدّة ساعات ثمّ حضرتْ سيّارة إسعاف تابعة لـ "نجمة داود الحمراء" وأخذتني إلى مستشفى "هداسا عين كارم". رافقني شرطيّان من حرس الحدود. وعندما نقلوني إلى سرير في غرفة الطوارئ قاما بتقييد يدَي مرّة أخرى. أوصلوني بأنبوب التسريب ثمّ أجروا صورة بالأشعّة السينيّة واكتشفوا أنّ لديّ كُسرًا في أنفي.
في منتصف الليل تقريبًا حلّ الشرطيّان الأصفاد عن يدَيّ ورجليّ وغادرا. بعد ذلك حضر جميع أفراد عائلتي وفي اليوم التالي قرابة الساعة 7:00 تمّ تسريحي من المستشفى. لا أزال أعاني من آلام في جميع أنحاء جسمي.
في يوم السبت الموافق .3.2318 نحو الساعة 14:30 كنتُ أتناول الغداء في منزل والدي في حيّ المدارس، سويّةً مع زوجي رائد (48 عامًا) وابنينا كرم (20 عامًا) ومحمّد (17 عامًا) وابنتينا (18 و19 عامًا). خرج كرم من المنزل وبعد ذلك بوقت قصير سمعنا صراخًا في الخارج. جاء ابن الجيران وقال إنّ كرم دُهس بينما كان يركب درّاجته الكهربائيّة. خرجنا جميعًا إلى الشارع ورأيتُ كرم مُلقى على الأرض فاقدَ الوعي.
بعد ربع ساعة تقريبًا وصلت سيّارة إسعاف تابعة لـ "نجمة داود الحمراء" سويّةً مع سيّارة شرطة وفيها شرطيّان عربيّان. منع الشرطيّان نقل كرم إلى سيّارة الإسعاف وقالا إنّه يجب أوّلًا تسليمهما درّاجته. جاء المزيد من الشبّان وبدأت مواجهات بينهم وبين الشرطيّين اللذين شرعا، فجأةً، في إطلاق النيران الحيّة في الهواء. ابتعدت سيّارة الإسعاف قليلًا وأدخل بعض الشبّان كرم إلى داخلها وصعدتُ أنا معه. توجّهنا إلى مستشفى "شعاري تسيدك" وعندما وصلنا إلى هناك كان كرم لا يزال فاقد الوعي لكنه استيقظ بعد ذلك بنصف ساعة تقريبًا.
عندما كنتُ في سيّارة الإسعاف اتّصل بي شقيقي وقال إنّ أفراد الشرطة هاجموا محمّد وإنّه اعتُقل. بحثتْ عنه العائلة كلّها في جميع محطّات الشرطة والمستشفيات في المنطقة ولم نعثر عليه. ذهبتُ لأسأل في مكتب الاستقبال في مستشفى "شعاري تسيدك" إنْ كان محمّد يرقد للعلاج هناك فأجابوني بالنفي.
عندما وصلتْ زوجة كرم إلى المستشفى أخذتُ أستعدّ للمغادرة لكي أذهب للبحث عن محمّد وفجأةً رأيتُ هناك أحد أفراد الشرطة الذين أعاقوا إخلاء كرم إلى سيّارة الإسعاف. كان يجلس على كرسيّ متحرّك قد عرفني، كا يبدو، لأنّه رآني أصعد إلى سيّارة الإسعاف مع كرم. ادّعى بأنّه أصيب بالحجارة وبدأ يشتمني. لاحقًا شاهدتُ مقاطع الفيديو التي وثّقت الحدث واكتشفتُ أنّه كان أحد أفراد الشرطة الذين أطلقوا النار في الهواء كما أنّه يظهر في مقطع الفيديو وهو يضرب محمّد على ظهره. استدعى أفراد أمن المستشفى أفراد الشرطة وأخرجوني من المستشفى بادّعاء أنّني جادلتُ الشرطيّ. خرجتُ من هناك وعدتُ إلى المنزل. ذهب زوجي للبحث عن محمّد في مستشفيي "هداسا هار هتسوفيم" و"هداسا عين كارم" لكنّه لم يعثر عليه.
نحو الساعة 23:00 اتّصل بنا محامٍ وأبلغنا بأنّ محمّد يرقد للعلاج في مستشفى "هداسا عين كارم" وبأنّه معتقل هناك أيضًا. وصلنا إلى هناك بسرعة لكن كان في غرفته عنصران من "الشاباك" وشرطيّ من حرس الحدود، لم يسمحوا لنا برؤيته.
عدنا إلى المنزل ونحو الساعة 00:30 اتّصل المحامي مرّة أخرى وأبلغنا بأنّ قوّات الاحتلال غادرت المستشفى وبأنّ محمّد لم يعد مرهن الاعتقال. عندما وصلنا إلى المستشفى كان وجه محمّد منتفخًا وظهرت عليه جروح في كلّ أنحاء جسمه من جرّاء الضرب الذي تعرّض له. الحمد لله أنّ حالته كانت مستقرّة. نحو الساعة 7:00 من صباح اليوم التالي سرّحوه إلى البيت.
أ. (49 عامًا)، يسكن في الجوار، قال:
في يوم السبت الموافق .3.2318 نحو الساعة 14:30 كنتُ في طريقي إلى منزلي فرأيتُ سيّارة تصدم شابًّا كان يركب درّاجة كهربائيّة. بعد نحو ربع ساعة وصلتْ إلى هناك سيّارة إسعاف وسيّارة للشرطة الإسرائيليّة. واصلتُ سيري على جانب الشارع وفجأةً سمعتُ طلقات ناريّة وصراخًا خلفي. أطلق شرطيّان اثنان نيرانًا كثيفة ثمّ حضر المزيد من قوّات الاحتلال إلى هناك. أشار أحد أفراد الشرطة إلى فتى عمره 17 عامًا تقريبًا ثمّ قال بالعبريّة لشرطيّة حرس الحدود: "هذا هو". سحَبت الشرطيّة الفتى إلى وسط الشارع وقام بعض أفراد الشرطة بضربه. قام شرطيّ برشّ غاز الفلفل على وجهه ثمّ قيّدوا يديه بالأصفاد واستمرّوا في ضربه لبضع دقائق أخرى. ضربه أحد أفراد الشرطة على ظهره ثمّ أخذوه إلى سيّارة الجيب الخاصّة بهم.
كان هناك شبّان آخرون حضروا إلى المكان ورشقوا أفراد شرطة نظام الاحتلال بالحجارة وقبض بعض أفراد الشرطة على أحد الشبّان وانهالوا عليه باللكمات وركلوه طوال بضع دقائق ثمّ اعتقلوه.
يكمن في جوهر نظام الأبرتهايد والاحتلال الإسرائيلي انتهاك منهجيّ لحقوق الإنسان. تعمل بتسيلم لأجل إنهاء هذا النظام، إدراكًا منها أنّه بهذه الطريقة فقط يمكن تحقيق مستقبل يضمن حقوق الإنسان، الديمقراطية، الحرّية والمساواة لجميع الأفراد - فلسطينيين وإسرائيليين - القاطنين بين النهر والبحر.