Skip to main content
القائمة
تحديثات من الميدان
المواضيع

رسالة الخطأ

Warning: Undefined variable $tid in betselem8_preprocess_node() (line 538 of themes/custom/betselem8/betselem8.theme).
betselem8_preprocess_node()
call_user_func_array() (Line: 261)
Drupal\Core\Theme\ThemeManager->render() (Line: 491)
Drupal\Core\Render\Renderer->doRender() (Line: 248)
Drupal\Core\Render\Renderer->render() (Line: 238)
Drupal\Core\Render\MainContent\HtmlRenderer->Drupal\Core\Render\MainContent\{closure}() (Line: 638)
Drupal\Core\Render\Renderer->executeInRenderContext() (Line: 239)
Drupal\Core\Render\MainContent\HtmlRenderer->prepare() (Line: 128)
Drupal\Core\Render\MainContent\HtmlRenderer->renderResponse() (Line: 90)
Drupal\Core\EventSubscriber\MainContentViewSubscriber->onViewRenderArray()
call_user_func() (Line: 111)
Drupal\Component\EventDispatcher\ContainerAwareEventDispatcher->dispatch() (Line: 186)
Symfony\Component\HttpKernel\HttpKernel->handleRaw() (Line: 76)
Symfony\Component\HttpKernel\HttpKernel->handle() (Line: 53)
Drupal\Core\StackMiddleware\Session->handle() (Line: 48)
Drupal\Core\StackMiddleware\KernelPreHandle->handle() (Line: 28)
Drupal\Core\StackMiddleware\ContentLength->handle() (Line: 191)
Drupal\page_cache\StackMiddleware\PageCache->fetch() (Line: 128)
Drupal\page_cache\StackMiddleware\PageCache->lookup() (Line: 82)
Drupal\page_cache\StackMiddleware\PageCache->handle() (Line: 53)
Asm89\Stack\Cors->handle() (Line: 48)
Drupal\Core\StackMiddleware\ReverseProxyMiddleware->handle() (Line: 51)
Drupal\Core\StackMiddleware\NegotiationMiddleware->handle() (Line: 36)
Drupal\Core\StackMiddleware\AjaxPageState->handle() (Line: 51)
Drupal\Core\StackMiddleware\StackedHttpKernel->handle() (Line: 741)
Drupal\Core\DrupalKernel->handle() (Line: 19)

نمر النمر (12 عامًا) من سكّان مدينة غزّة

نمر النمر (12 عامًا) من سكّان مدينة غزّة

أقيم مع عائلتي في منزل جدّي في حيّ الشيخ رضوان في مدينة غزّة.

في صباح يوم السّبت الموافق 7.10.23، فيما كنا، أنا وأخي أحمد (10 سنوات)، نستعدّ للذهاب إلى المدرسة، سمعنا إطلاق صواريخ. عندما استمرّ الإطلاق كان لدينا إحساس بأنّ الوضع سوف يتفاقم. طلب والدي أن نخلع الزيّ المدرسيّ وقال إنّنا سنبقى اليوم في المنزل. قال إنّ حرباً سوف تندلع في قطاع غزّة. بقينا في المنزل وتابعنا الأخبار وكنّا نسمع دويّ القصف وهدير الطائرات الإسرائيليّة في شمال قطاع غزّة.

في اليوم التالي بدأوا بقصف مدينة غزّة وبقيّة مناطق القطاع. سمعت أصوات انفجارات في كلّ مكان، وكذلك قرب منزلنا. سمعت أنّ هناك جرحى وشهداء، وسمعت أنّهم هدموا منازل ومؤسّسات حكوميّة ومباني أخرى. سادت أجواء حرب وصار الوضع مُخيفاً جدّاً. كنّا جميعاً متوتّرين بسبب القصف وحركة الطائرات التي لم تتوقّف للحظة.

أحسست ألماً ووقعت أرضاً. فجأة رأيت سيارة "جيب" عسكريّة إسرائيليّة ففهمت أنّ النيران أطلقت عليّ من "الجيب"

بعد مضيّ أسبوع، وزّع الجيش الإسرائيليّ منشورات كُتب فيها أنّ على سكّان مدينة غزّة والشمال إخلاء منازلهم والانتقال إلى جنوب القطاع. حاول والدي التفكير في مكان في جنوب القطاع نذهب إليه، لكنه لم يستطع الاهتداء إلى مكان كهذا.

قرّر والدي أن نذهب إلى مدرسة عبد الرّحمن بن عوف القريبة من منزلنا. وجدنا هناك أشخاصاً آخرين، بعضهم من المنطقة وآخرون نزحوا من شرق المدينة. منذ تلك اللّحظة بقينا في المدرسة وعشنا مع بقيّة المهجّرين.

كنّا نسمع القصف طوال الوقت، ضجيج طائرات F-16، طائرات استطلاع وطائرات كوادكوبتر. وكنّا نسمع عن سُقوط شهداء وجرحى. نظراً للوضع الخطير منعنا والدي من الابتعاد خارج نطاق المدرسة. كنّا نمضي الوقت في داخل المدرسة أو في السّاحة فقط. كان أكلنا وشربنا من الإغاثة التي كانت تصل إلى المدرسة من حين إلى آخر. ولكن عندما تفاقمت الأوضاع وتوقّف إرسال الطعام صرنا نخرج أحيانًا ونذهب إلى المؤسّسات التي توزّع الطعام فنأخذه ونعود إلى المدرسة.

في يوم السّبت الموافق 3.12.23، بينما كنت ألعب في ساحة المدرسة مع أخي أحمد وصديق لي وعدد آخر من الأطفال من أبناء العائلات النازحة هناك، جُرحت وأخي أحمد وطفلين آخرين من شظايا رصاص حيّ. سال دُمنا وقام والدي بتضميد جراحنا.

عندما صحوت وجدت نفسي مربوطاً إلى سرير. قيل لي إنّني قد خضعت لعمليّة جراحيّة شملت زراعة وتقطيباً، وأوضحوا لي أنّهم لم يُخرجوا الرّصاصات وهي لا تزال في بطني ورجلي وفخذي

بعد هذه الحادثة قال والدي إنّ المكان ليس آمناً بعد، ويجب الذهاب إلى مكان آخر، علماً أنّه لا يوجد مكان آمن في غزّة. أخذ والدي يبحث عن مكان آخر. اتّصل هاتفيّاً بأصدقاء له ولكن لم يجد مكاناً آمناً نستطيع الذهاب إليه جميعاً والبقاء معاً، لأنّ جميع المنازل كانت مليئة بساكنيها والمهجَّرين الذين لجأوا إليها. إزاء ذلك قرّر والدي أن نبقى في المدرسة، رغم خوفنا من أن يقصفوا ثانية.

بقينا في المدرسة، واستمرّينا نسمع طوال الوقت القصف وضجيج الطائرات والقذائف تسقط قريباً منّا. وكنّا دائماً خائفين. وضع لا يُمكن تحمّله، غير أنّنا لم نستطع الانتقال إلى مكان آخر.

في يوم الثلاثاء الموافق 25.3.24، في منتصف شهر رمضان، ولأنّه لم يكن لدينا أيّ شيء نأكله خرجت راجلاً إلى الأراضي الزراعيّة التابعة لبلدة بيت لاهيا، وتبعد عن المدرسة نحو 4-5 كيلومترات. كان أملي أن أجد هناك بعض الخضار لنأكلها. هذا حدث بعد أن مرّت عدّة أيّام لم نتناول فيها طعاماً من أيّ نوع. كنّا نأكل الخبز اليابس فقط. هذا كلّ ما استطاع والدي أن يحصل عليه.

وصلت إلى الأراضي الزراعيّة، وقبل أن أتمكن من رؤية ما إذا كان هنالك أيّ شيء أصلاً، سمعت أصوات إطلاق نار قريب. أحسست ألماً ووقعت أرضاً. فجأة رأيت سيارة "جيب" عسكريّة إسرائيليّة ففهمت أنّ النيران أطلقت عليّ من "الجيب". كنت أشعر بالألم في بطني ورجلي وفخذي الأيسر. شاهدت دمي يسيل بغزارة واعتقدت أنّني سأموت.

اقترب منّي جنديّ ووضع رجله بحذائه العسكريّ على وجهي. أمرني بأن أنهض فقلت له إنّني لا أستطيع الوقوف. قال لي "سوف نقتلك" فقلت له مرّة أخرى إنّني لا أستطيع النهوض فتركني وبقيت ملقىً هناك والدّماء تنزف منّي. رُحت أتلو الشهادتين لأنّني كنت على يقين بأنّني سأموت، لأنّ الجنود تركوني هناك بكلّ بساطة.

لكن بعد وقت قصير جاء عدد من الجنود، حملوني وأدخلوني إلى "جيب" ثمّ أخلوني إلى مستشفىً. في الطريق إلى المستشفى لم أكن في كامل وعيي ولم أدرك ما الذي يحدث لي. عندما صحوت وجدت نفسي مربوطاً إلى سرير. قيل لي إنّني قد خضعت لعمليّة جراحيّة شملت زراعة وتقطيباً، وأوضحوا لي أنّهم لم يُخرجوا الرّصاصات وهي لا تزال في بطني ورجلي وفخذي.

كان هناك أطبّاء بزيّ مدنيّ. طلبت منهُم أن يُعطوني دواءً مسكّناً للأوجاع، لكنّهم رفضوا. توسّلت إليهم لأنّني لم أقدر على تحمّل الألم، لكن كنت مُجبراً على تحمّله

شعرت بآلام شديدة لدرجة أنّني كنت أصرخ. كان هناك أطبّاء بزيّ مدنيّ. طلبت منهُم أن يُعطوني دواءً مسكّناً للأوجاع، لكنّهم رفضوا. توسّلت إليهم لأنّني لم أقدر على تحمّل الألم، لكن كنت مُجبراً على تحمّله لأنّهم لم يجلبوا لي أيّ شيء.

بعد مضيّ أسبوع على وُصولي إلى المستشفى أخذوني إلى مُنشأة اعتقال. كانت هناك "بركسات" وفي داخلها زنازين صغيرة. أدخلوني إلى إحدى الزنازين وكان فيها من قبل 13 أسيراً، أشخاص بالغون لا أعرفهم. كانت وجوههم شاحبة وأجسادهم هزيلة، وكان واضحاً من مناظرهم أنّهم تعرّضوا لتعذيب شديد وضرب كثير، وأنّهم موجودون هناك منذ فترة طويلة. بالكاد كانوا يستطيعون السّير، ومع ذلك اهتمّوا لأمري واعتنوا بي إذ كنت لا أستطيع الوقوف على رجليّ وأحتاج إلى مُساعدتهم لكي أصل إلى المرحاض. أما الحمّام، فلم أصل إليه بتاتاً.

كنّا نحصل على القليل جدًا من الطعام والماء. وفي اللّيالي لم يدَعونا ننام، إذ كان السجّانون يشتموننا طوال ساعات ويجلبون كلاباً تنبح علينا وتحاول مهاجمتنا. قال لنا السجّانون مراراً وتكراراً أنّ عائلاتنا سوف تُقصف وسنُشاهد بأعيننا أفراد عائلاتنا موتى لأنّهم سوف يُروننا صورهُم وهُم قتلى. كانوا يصعقون أجسامنا أحياناً بضربات كهربائية. كنّا نتعرّض للإهانة والتعذيب في كلّ يوم.

جرّدونا من أدنى الحقوق، بما في ذلك حقّ الحصول على طعام. جميعنا كنّا نعاني من سوء التغذية ونشعر طوال الوقت بالوهن والتعب الشديدين. كانوا يسمحون لنا بالذهاب إلى المرحاض مرّة أو مرّتين فقط في اليوم، أمّا الحمّام فمرّة كلّ عشرة أيّام.

قبل إطلاق سراحي بيومين أخذوني إلى المستشفى. خضعت هناك لعمليّة جراحيّة في الركبة. قالوا لي: "لقد اعتنينا بك وعالجناك فلا تقلْ هُم لم يُعالجوني، هُم تركوني أنزف، لم يُجروا لي عمليّات ولم يجلبوا لي مسكّناً أبداً".

بعد مضيّ يومين، في 15.4.24 أخرجوني من المستشفى في سيّارة إسعاف. في الطريق أوقف جنود سيّارة الإسعاف وفتحوا الباب. سألني أحد الجنود "من الذي أطلق عليك النار؟" فقلت له "اليهود". عندئذٍ قال لي الضابط إنّني إذا اتّهمتهم بأنّهم أطلقوا النار عليّ فسوف يقتلونني ويرمونني في الشارع لكي تفترس الكلاب جثّتي. أخذت أبكي وخفت أن يفعلوا ذلك، أي أن يرموني للكلاب.

قال لنا السجّانون مراراً وتكراراً أنّ عائلاتنا سوف تُقصف وسنُشاهد بأعيننا أفراد عائلاتنا موتى لأنّهم سوف يُروننا صورهُم وهُم قتلى

بعد ذلك واصلت سيّارة الإسعاف السّفر حتى وصلنا إلى الحاجز العسكريّ في كرم أبو سالم. كان هناك جنود كثيرون. سلّموني إلى عاملين في وكالة الغوث ومن هناك تمّ نقلي إلى المستشفى الأوروبيّ في خان يونس. كانت حالتي الصحيّة صعبة جدّاً بسبب الإهمال الطبّي وسوء التغذية والضرب والتعذيب. بعد أن أجروا لي فحوصات قال الأطبّاء أنّ الرّصاصة التي أصابت فخذي سبّبت شللاً ممّا يتطلّب أن أتلقّى العلاج خارج البلاد، لكي أستطيع المشي مجدّداً والعودة إلى حياتي الطبيعية في مرحلة ما.

عائلتي ما زالت في الشمال، وأنا الآن موجود شرقيّ خان يونس وأقيم في خيمة مع جدّتي لأمّي. أنا مُقعد، لا أقدر على المشي وحدي وإنّما أحتاج إلى من يُساعدني ويعتني بي طوال الوقت، لأنّني أعاني من آلام فظيعة. لكي أشفى يجب أن أتناول طعاماً جيّداً، ولكن لا يوجد هُنا لا دجاج ولا أسماك. وحتى إذا توفّرت، نحن لا نملك المال لكي نشتريها.

ما من طعام هنا سوى بعض الخبز والمعلّبات. نتناول الطعام مرّة واحدة فقط في اليوم، بسبب قلّته، كما نشرب القليل من الماء أيضًا، لأنّه غير متوفّر. للحصول على الماء، يجب الذهاب سيراً على الأقدام والوقوف في طابور طويل، وفي النهاية نحصل على عبوة سعتها 8 ليترات من مياه الشرب. الآن في هذا الحرّ يجب أن نشرب كثيراً لكن هذا ليس مُتاحاً لنا.

بسبب النقص في مياه الشرب والطعام أعاني من إمساك شديد. الأوجاع تلازمني طوال الوقت بسبب جُروحي، كما أحسّ دائماً بدُوار ووهن. لا أتلقّى أيّة أدوية سوى مسكّنات الآلام.

* سجّل الإفادة باحث بتسيلم الميدانيّ محمد صباح في 26.6.24